شهادة البروفسور #علي_الطائي، الأكاديمي #الأهوازي في الكونغرس الأميركي
شهادة البروفسور #علي_الطائي، الأكاديمي #الأهوازي في الكونغرس الأميركي عام 2008 حول #عرب_الأهواز
تعيد منظمة حقوق الانسان الاهوازية نشر المادة لأهميتها.
--------------------------
شهادة على شهادة
الدكتور على الطائي
لبيت سلفاً دعوة من "لجنة حقوق الانسان" في الكونغرس الامريكي و"المجلس العالمي لحقوق اللإنسان" لكي إدلي بـ"شهادة" (Testimony) حول "عرب الاهواز" أو العرب في الأهواز، باعتباري أستاذاً جامعياً ينتمي اليهم وربّما لديه من المعلومات عنهم ما يؤهله للإدلاء بشهادة موضوعية تفي بالغرض. وقد قمت فعلاً بهذا الواجب و كان نصّ شهادتي مدوناً في اربعة و ثلاثين صفحة.
خُصصت لكل من المشاركين من "القوميات الايرانية" في هذه الندوة مدة ثلاث دقائق، ولكنني تكلمت اكثر من ذلك وربما استمرت كلمتي زهاء خمس عشرة دقيقة. وأوجزتُ قائلاً بِأن العرب في الأهواز هم حقيقة وجودية وانسانية واجتماعية وتاريخية بطابعها القومي، يمتدّ بها التاريخ إلى العهد العيلامي العتيد حيث استمروا بوجودهم وكيانهم المعنيين بشكل وآخر إلى يومنا هذا. فقد أسسوا عبر التاريخ من الدويلات والتكتلات والكيانات السياسية المستقله وما يشبه ذلك عدداً ليس بقليل حتى قوّض"رضا شاه البهلوي" كيانهم السياسي بزعامة الشيخ خزعل الكعبي في 20/نيسان /1925 وذلك بدعم و تأييد بريطاني.
إرتبطت سياسة بريطانيا هذه بعوامل عّدة منها:
اولاً: التواطئ البريطاني والفرنسي الثنائي ضدّ العرب ومنطقة الشرق الاوسط ككل وذلك على أثر الحرب العالمية الأولى والتي أدّت بما أدتّ الى المعاهدة بينهما المعروفة بمعاهدة "سايكس (البريطاني)ـ پيكو(الفرنسي)".
ثانياً: سياسة بريطانيا البترولية حيث تمكّنت هذه الدولة من اكتشاف البترول ولإوّل مرّة في الشرق الأوسط في عام 1908 في قضاء مسجد سليمان الواقع في شمال اقليم الأهواز.
ثالثاً: واخيراً فأن بريطانيا شَرعت آنذاك بمجارات ربيبتها الحديثة، أي الدولة القومية الفارسية, أو: (The Persian Nation–State), في مملكة ايران ـ التي كانت تدار على غرار النظام السياسي الأمبراطوري ـ وذلك للتصدي للمدّ الشيوعي في شمال ايران على اثر اندلاع ثورة اكتوبر الأشتراكية في سنة 1917.
وقداكّدتُ في كلمتي بنصها المكتوب والمنشور فعلاً على الموقع الاكتروني التابع للمجلس المذكور اعلاه حقيقة وجودنا بأننا كُنا وتطوّرنا و بقينا عرباً. ولكننا منذ تقويض كياننا السياسي تعرضنا ومازلنا نتعرض لسياسة التفريس البغيضة الهادفة لطمس هويتنا القومية العربية. فقد استهدفت هذه السياسة بمناهجها وآلياتها المختلفة حرماننا من دراسة لغتنا العربية الأم وان كانت هذه الدراسة إلى جانب اللغة الفارسية المفروضة في النظام التعليمي في ايران كما هي الحالة بالنسبة لليهود والمسيحيين هناك.
وأضفتُ بأن الفرس ذاتهم يسموا ويصفوا ايران وصفاً سوسيولوجياً وتاريخياً واقعياً بأنها "كثيرة الملل" اي كثيرة الأقوام، و"الممالك المحروسة" و" الشاهنشاهية"، أي الأمبراطورية المتشكلة من دول وملوك متعددة. فهذه التسمية هي شهادة بارزة على تركيبة المجتمع الايراني المتعدد الشعوب والذي لم يكن الشعب الفارسي فيه إلاّ جزءاً من هذا الكل. وبالاضافة إلى هذا فقد تسلّطت على ايران سلالات عدّة تنتمي إلي قوميّات غير فارسيّة, أي تركّية وعربية
وتركمانية وغيرها حيث استمرت سلطتها حوالي "الف سنة" من "الالفين و خمس مائة" سنة لما يُسمى ويوصف بالامبراطورية الأيرانية أو الامبراطورية الفارسية.
ورغم هذا، اخذت ايران، خاصة منذ وصول الأسرة البهلوية الشوفينية الى سدّة الحكم، اخذت طابعاً فارسياً بحتاً على حساب القوميات الأخرى.
فقد تمّ هذا الأمر، لا من ناحية هيمنة اللغة الفارسية فحسب, بل ومن ناحية القاء التصور والتفكير (Conseptualization) والطموح على القوميات المضطهدة فكأنها هي ايرانيّة وفارسية محضة أو مهاجرة لكي تتمتع بخيرات ايران و حماية النظام الفارسي الأبوية(Patriarchal) لها. إذ عليها, أي هذه القوميّات, أن تنصهر في القومية الفارسية وما هو"فارسي" في ايران ... و لكن قد أثبت التاريخ بأن هذا امر مستحيل بعون الله وبفضل ارادة الشعوب ووعيها السياسي والقومي.
وتابعت قائلاً، بالرغم من هويتنا العربية المتميزة بطابعها التاريخي والجغرافي واللغوي والثقافي والتراثي والنفسي الرامي إلي الطموح المشروع، فأننا لسنا دعاة إنفصال عن ايران، بل نتوخى ونطالب بالحكم الذاتي في اطارٍ فيدرالي أو ما يشبه ذلك على غرار ما حدث ويحدث في كردستان العراق. علماً أن هناك من العرب الأهوازيين من يطالب بالانفصال حيث أنهم يعتبروا هذا الأمر بأنه حقّ الشعوب في تقرير المصير.
وأكدّتُ في بدءِ شهادتي بأنّي لا أمثـّل عرب الاهواز ولا أنطق بإسمهم ولا انتمي إلى ايّ تنظيم او تكتل سياسيٍ لهم أو لغيرهم. ولكن شهادتي هذه هي وجهة نظري مدعومة بالوثائق التاريخية المتوفرة والحقائق الميدانية الدامغة لمن أراد الشك فيها، ناهيك عن الطعن بها.
وفي ختام كلمتي، قام أحد الحضور وهو ايراني يبدو فارسي, لكي يسئل سؤالاً لاغير وفقاً لنظام الندوة المعلن مقدماً، لكنه تخطّى النظام وخاطبني متطاولاً ..." بأننا نحن عرب الأهواز لسنا عَرَباً, بل "(Arabic speakers), أي " ناطقين بالعربية" لاغير! فقاطعته بغضب وبصوت عالي قائلاً له: من انت يا هذا- وانت لا تستطيع تحديد هويتك ـ لتطاول على العرب وتحدد وتفرض عليهم هويتهم!؟ ما عليك إلاّ أن تنكّب على نفسك وتخرس... وقد استدركت الأمر السيدة رئيسة مجلس حقوق الانسان العالمي ورئيسة الندوة فانتقدت الرجل بانه لم يكن له حق في التعليق ما عدا السؤال. فارتبك وسئل سؤالاً من غيري لا جدوى له وجلس فترة ليختفي عن الانظار فيما بعد.
هذا وبالإضافة إلى التغطية المباشرة لهذه الندوة على اكثر من محطة وفضائية, فقد نظّم ـ بعد الانتهاء من الجلسة ـ بعض المسؤولين المعنيين من الكونغرس والمجلس المذكور، مؤتمراً صحفياً ـ لم اشارك فيه ـ وصفوا فيه بأن بعض الافراد الذين حضروا و" علقّوا" على الشهادات المعينة أو سألوا بعض الأسئلة، فأنهم كانوا" (Thugs) أي: "اراذل وأوباش" وقد ظهرت نفس اللفظة والعبارة في تقرير جريدة " ايران تايمز" الأيرانية الأسبوعية والتي تصدر في مدينة واشنطن باللغتين الفارسيه والانجليزيّة منذ ثلاثين سنة. (كنت قد زودت بعض الاخوة بنص هذا التقرير, فنشروه على مواقعهم الكترونية و لهم جزيل الشكر.)
http://www.ahwazstudies.org/main/index.php… ومن جانب آخر, تلقيت على أثر انتشار وقايع " الشهادة" بعض الاتصالات الهاتفية من بعض الاخوة الأهوازيين المقيمين في أمريكا وأوروبا حيث زودوني عبر البريد الأكتروني بتعليقات بعض الاهوازيين الآخرين والتي كما قيل لي تتسم بالنقد لي بأنني وبزعمهم كنت متحفظاً في شهادتي المعينة اكثر من اللازم. علماً انني لم اطّلع على نص ما قيل ومن قال, فلهم دينهم ولي دين. ومع هذا أودّ أن اقول بأن طبيعة الشهادة المذكورة تستوجب الاعتدال والموضوعيّة وبالأضافة إلي هذا فأني لم أر للتشدد اللامجدي فوزاً عظيماً لكي اقتفيه. فلكل مِنّا قناعاته الخاصة به وطالما هو لايُدَنّس القضية عامدا أو جاهلاً بها, فله حقّه فيما يبتغيه ويدلي فيه.
كما اقول بصراحة بأن الندوة المذكورة لم تكن قطّ ومن حيث المبدأ لحب علي(ع) ـ اي القوميات الايرانية ـ بل بغضاً لمعاوية, أي النظام الأسلامي الحاكم في ايران. وقد أتوا بالندوة من اجل الضغط على النظام الايراني باستخدامهم ورقة القوميات الصاخبة وفي اطار العلاقات الأمريكية الايرانية و تحسباً لهيمنة الصهاينة على السياسة الخارجية الشرق اوسطية الأمريكية، انسجاماً مع رغبات اسرائيل, العدوء اللدود للعروبة والإسلام. وفي هذا الإطار, علينا أن لا ننسى بإننا لم نتوصّل ونتفق الي يومنا هذا حول تسمية أرضنا... فهل هي "الاهواز" أو "الأحواز" أو"عربستان" أو "عيلام"؟ كما وإننا لنا "اعلامٌ" مختلفة وخفـّاقة على المواقع الأكترونية ... بَخٍّ لإخوتنا الفلسطينين الصابرين المثابرين المناضلين، فلأرضهم الحبيبة أسماً واحداً (فلسطين) ولم يخفق عليها وعلى رؤسهم إلاّ علمٌ واحدٌ.
وعلى كل لابّد أن نعمق صلاتنا بالشعوب الايرانية المختلفة وننسق معها وأن نؤازرالقوى الإسلامية والعلمانية والاشتركية ((Socialism التقدمية في ايران، بما فيهم الفرس، على حدِ سوا. كما إنه من واجبنا أن نتعظ بالنكبة الفلسطنية- نكبة العرب الكبرى- وأن نتثقف سياسياً بها وبما يجري في العراق ولبنان والسودان والصومال من حوادث وتجاذبات بين الحكومة والمعارضة والقوي الاخرى المحلية والدولية المتواطئة على خيرات هذا وذاك. فأن اتعاظاً وتثقيفاً سياسياً من هذا الطابع لهما الأثر البالغ على العربي الاهوازي المراقب بدقة وحنكة وصدق للمستجدات والمبتعد عن الأنانية, لصالح قضيته وعروبته ووصوله ـ وإن طال الأمد ـ لما يرنو إليه. وعلينا ايضاً ان لا نرتبك ونتعّثر ويلهينا التكاثرفكما قال الامام علي:"إذا ازدحم الجواب, افتقد الصوّاب". وأوّد أن أشرُ الى مفهوم في علم الفيزيا يعرف بـ "الانتروبيا" (Entropy\Entropie)، أوالطاقة المتاحة. تستفيد العلوم الجتماعية من هذا المفهوم ذوالمعاني والمغازي المختلفة بما فيها: أنّ ما يظهر ثابتاً و منظماً في الكوني و المجتمع الأنساني في حين، لم يصبح كما هو في حينٍ أخر. أي، الأمور في طبيعتها تتجه الى طبيعة أخرى وأن علمنا بها تشوبه اللا يقينيّة.
وكما قال الشاعر في القرون الاولى للإسلام:
هذي مسائلٌ لا "شرشير" يَحسُنها إن سيل عنها, ولا اصحاب "شرشير"
وعلى كل فالأيام دول ولكل حق مغتصب كحقنا جولة ودولة باذن الله. ودمتم جميعاً بخير وعلى الدرجة القصوي من التخطيط والتأهب لإلتهام التجارب المتاحة واستشراف المستقبل, بل المساهمة في صنعة والسلام.
