هاشم شعباني-

روبرت فيسك: ايران "جمعية الشعراء الموتى" .. واعدام هاشم شعباني يثبت ان القلم أمضى من السيف

14 فبراير 2014

لندن – القدس – كتب الصحافي البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك مقالا في صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية الخميس حول قضية اعدام شاعر وناشط اهوازي كاشفا ما يعانيه النشطاء الاهوازيون وغيرهم في ظل الجمهورية الإسلامية.

يشبه فيسك في مقاله، وهو الأول له من نوعه حول الاهواز والأكثر انتقادا لسجل ايران في مجال حقوق الانسان، المجتمع الإيراني وما يجري في ايران من كبت للحريات وقتل للمواهب الشابة بـ "جمعية الشعراء الموتى" ربما في إشارة الى الفيلم الأميركي الشهير الذي يحمل نفس الاسم وهو بالانكليزية "Dead Poets Society" وفي ما يلي نص المقال:

"في ايران يجب تشكيل جمعية باسم "جمعية الشعراء الموتى"، او بالاحرى "جمعية الشعراء الشهداء"، لتضيف لصفوفها أحدث عضو اهوازي من عرب ايران أعدم اخيراً بتهمة "الفساد في الأرض" وهو واحد من مئات أعدمتهم الثورة الإسلامية منذ عام 1979.

كل شيء حول هاشم شعباني* يصرخ بالعار ضد جلاديه: اشعاره السلمية، تعليمه الاكاديمي، رعايته لوالده العليل – الجندي المعاق الذي أصيب بجروح خطيرة اثناء الحرب العراقية - الإيرانية مدافعا عن ارضه – وحبه لزوجته وطفله الوحيد. وها هو قد تحول الان الى جثة سياسية، والجناة هم ليس سوى وزارة الداخلية وقاضي محكمة الثورة المدعو محمد باقر موسوي.

على مدى اكثر من عامين كان الحرس الثوري ورجال وزارة الداخلية عرضة للتفجيرات في محافظة الاهواز ذات الغالبية العربية. ان حس الثأر والانتقام لديهم مطلق. اتهم شعباني بمساعدة "المقاومة"، ربما بكتابته الشعر بالعربية او ترجمته الشعر الفارسي الى العربية وهو يكفي في ما يبدو لالصاق تهمة التخريب بكاتب في ايران هذه الأيام.

كان شعباني بعث برسالة من السجن يقول فيها انه لا يستطيع ان يبقى صامتا إزاء "الجرائم البشعة التي ترتكبها السلطات الايرانية ضد الاهوازيين وخاصة الاعدامات التعسفية الجائرة ... حاولت ان ادافع عن الحقوق المشروعة التي يجب ان تتمتع بها كل الشعوب في هذا العالم وهي الحق في العيش بحرية وبحقوق مدنية كاملة. لكني مع كل هذا الشقاء والمآسي لم أستخدم سلاحا لمحاربة هذه الجرائم الوحشية سوى قلمي".

وربما هذه كانت سقطة شعباني التي أدت الى نهايته. اذ يمكن بالفعل ان يكون القلم أمضى من السيف في ايران وخاصة عندما تعيش قوى الامن بشكل متزايد في حالة من الشك والارتياب (البارانويا) من خطر الانفصال، ليس فقط في الاهواز بل في بلوشستان وكردستان وغيرها من المناطق التي تقطنها باقي ألاقليات.

المفارقة ان نظام الشاه ذا الطابع العلماني الزائف الذي أطاحت به الثورة الإسلامية عام 1979 كان أضفى صبغة قومية على القيادات الدينية والقبلية الفارسية داخل دولته الايرانية "العصرية" الجديدة.

قد يعترض الفقهاء الإيرانيون على هذا لكن الإسلام نفسه قام بـ "علمنة" شعوب الشرق الأوسط بمساعدته في خنق القبلية التقليدية. لكن هذا لم يسعف هاشم شعباني الشاب ذا 32 عاما، اذ تعرض هو ورفيق له – وهما من بين 14 من نشطاء حقوق الانسان المحكوم عليهم بالاعدام من قبل قاضي محكمة الثورة موسوي في تموز (يوليو) الماضي بعد عامين من اعتقالهم - للتعذيب في السجن.

ظهر شعباني في عام 2011 على شاشة تلفزيون "برس تي في"، القناة الدولية الإيرانية الحالكة، وهو "يعترف" بالتورط بـ "اعمال إرهاب انفصالية" ودعم حزب البعث. والأكثر سخافة وهراء هو زعم القناة انه كان على اتصال بالرئيس المصري حسني مبارك والعقيد معمر القذافي، لكن قبل الإطاحة بالاول وقتل الثاني كما يفترض.

وبينما شجبت الجماعات الإيرانية المعارضة جريمة قتل شعباني إلا أنها القت باللوم على الرئيس الجديد حسن روحاني – افضل صديق جديد للغرب لتقديمه تطمينات بان ايران لا تسعى لتطوير اسلحة نووية - محملة اياه مسؤولية الإعدام.

قام روحاني بزيارة خاطفة للأهواز الشهر الماضي، حيث ثبّت، كما تقول شخصيات في المعارضة، أحكام الإعدام تلك التي صدرت في عهد سلفه غير المتوازن محمود أحمدي نجاد.

إن تحميل الرئيس مسؤولية الإعدامات التي تنفذها الدولة هو امر اعتيادي في السياسة الإيرانية. يزعم معارضون للنظام الايراني أن عشرات الفنانين والأكاديميين والكتاب قتلوا في عهد الرئيس السابق المعتدل جدا محمد خاتمي على الرغم من غضبه الشديد لاعدام هؤلاء الرجال الذين تمت تصفيتهم جميعهم تقريبا بالاغتيالات بدلا من احكام الاعدام التي لم تصدر بحقهم.

في حقيقة الامر لقى عدد اكبر من المثقفين حتفهم في ظل حكم سلف خاتمي، علي اكبر رفسنجاني. ان الحرس الثوري الإيراني الذي لقى كوادر منه مصرعهم في تفجير حافلة في محافظة خوزستان العربية في وقت سابق لن تساوره شكوك حول "قانونية" قتل نشطاء حقوق الانسان العرب الايرانيين.

زعمت إيران أكثر من مرة أن المخابرات البريطانية تقف وراء الهجمات على السلطات الحكومية في خوزستان.

في الحقيقة كان يجب ان يكرم شعباني ويحتفى به في موطنه الاصلي ايران. انه من مواليد الاهواز، كان شاعرا ومثقفا، نشر مجموعات شعرية باللغتين العربية والفارسية، حصل على شهادة ماجستير في العلوم السياسية وقاد مسيرات احتجاجية ضد اعتقال الطلبة وفصل اساتذة في الجامعات.

مع أنه كان معتقلا لشهور في سجن في الاهواز يسمى كارون، وهو يحمل اسم النهر الذي كتب عنه شعباني بعاطفة واحساس، إلا أنه نقل إلى مكان مجهول لإعدامه.

كتب الصحافي والكاتب الإيراني البارز امير طاهري عن اشعار شعباني – التي في معظمها غير سياسية – مقتبسا منها ابياتاً بعد أيام من اغتياله:

"لسبعة أيام كانوا يصرخون بوجهي: لقد أعلنت حربا على الله"، وهي جزء من قصيدة بعنوان "سبعة أسباب تدعو لقتلي" كتبها شعباني حول محاكمته.

"السبت: لأنك عربي! الأحد: انك اهوازي ... الثلاثاء: انك تسخر من الثورة المقدسة ... الجمعة: انك رجل .. ألا يكفي هذا لان تموت؟".

* هاشم شعباني من مواليد 1981 في مدينة الخلفية (رامشير) في إقليم الاهواز، كان متزوجا ولديه طفلة. كان يعمل مدرسا في الثانوية وشاعرا وناشطا ثقافيا. اعدم اخيراً مع رفيق له بتهم "محاربة الله" و "الفساد في الارض" و "تهديد الامن القومي الايراني و" الدعاية ضد نظام الجمهورية الاسلامية".

http://www.alquds.com/news/article/view/id/488881


بحث